قد يتحول البعض في حياتنا إلى سطور تنبض من كتب الإلهام أولئك الذين يمكن أن نستقي من تجاربهم وإيجابيتهم معانٍ جديدة، ونبراساً يمكن أن نهتدي به ونحن نسلك طرق الحياة الوعرة "إنهم الملهمون"، الذين يحتفظون بمعانٍ حقيقية لتجربة الحياة ويعيشون ضمن مبادئهم الإيجابية بقصصهم التي تتحرك وتتنفس، ونراها تحيا وتسير أمامنا بعيدا عن التنظير وعن عناصر التأليف وبدايات ونهايات القصص المستهلكة وسواء تصادفنا مع هذه الشخصيات أو قرأنا لها، أو رددنا أحاديثها المأثورة التي أقنعتنا أو أننا اكتفينا بقراءة ما وراء سطورها ففي نهاية المطاف سنقف لنعد آثار بصماتهم الخاصة التي أودعوها كتبهم، أو لوحاتهم أو بعضا من مفردات أو قصص تروى وكأنها كتلة من التجارب والخبرات تمشي على الأرض، وفرصة للاستفادة من غيمة مغدقة وتطبيق عملي للحياة يمكن أن تشاهده حيا مباشرا فتخرج برؤية مضيئة قد تغير مسار حياتك للأبد.
إننا بحاجة إلى حكايات ملهمة تكون وقودا لنا ومحركا لنا لنطرق أبوابا جديدة ونعرف كيف نتعامل مع منعطفات الزمن ومتغيراته، ولا أعتقد أن التعليم والحصول على الشهادات العليا من أساسيات الإلهام فقد تتعلم أفضل الدروس من أبسط الكائنات فهي ليست حكرا على بني البشر وإنما قد يلهمك إصرار السنابل أو حقول الورود أو ضوء القمر أو صفحات الليل لمعرفة أشياء لا يمكن أن تحصل عليها من مئات المؤلفات والمحاضرات وقد تستقي أفضل الخبرات من أبسط البشر ومن عابري المحطات والشوارع، ومن أبعد العناوين عن أفكارك إنك لا يمكن أن تختار أو تنتقي مصادرك الإلهامية وإنما عليك أن تتمعن جيدا فيما يمكن أن يكون خلاقا فيما هو حولك ومؤثرا في قراراتك للبحث عن سحابتك المقبلة كي تعرف الكثير عن دروب الفشل المؤدي للنجاح، وعن حواسك التي تتجاوز العشرة عندما تعد على أصابعك لتكتشف أن الروح الإنسانية ما تزال تحمل الكثير من الحواس غير المكتشفة والتي يمكن أن تشعر بها وأنت تخاطب جيوش الأفكار التي تملأ رأسك وتجعلك تخرج من فوضاك لتعرف ما في داخلك من كوامن عندما يلمع البرق في عينك في لحظة تردد فيها "وجدتها" وتعرف أنك ما زلت تتهجى أول حروفك وأنه ما يزال لديك الكثير لتكتشفه عن نفسك من خلالها.
إنها الظاهرة الإنسانية التي تجعلك تتمعن في كل ما يحيط بك لتصنع منه درسك اليومي والملهمون أنواع بحسب موقع "Sources of Insightf" المعني بتطوير المهارات، وربما تختلف تعريفاتهم قليلا عما نعرف أو نظن فمنهم الحالمون الذين يقفزون على السحب ويحاولون أن يصنعوا أقواسا من المطر وينسجون خيوطا من الأفكار التي يصعب تحقيقها فهم يملكون كل أدوات صناعة الأفكار بينما يعجزون عن تحقيقها فهم يحلقون ويقفزون دون الاكتراث بما يتحقق منها بينما يركز الفاعلون على فكرة واحدة ويبدؤون بتنفيذها، يعملون عليها كأنها الحل الوحيد في الحياة، يشعرون بالملل والهزيمة فالتنفيذ جزء رئيسي في حساباتهم ويتبسلون في الدفاع عن مبادئهم وأفكارهم بينما يظل النموذج الثالث ممن يجمعون بين الحلم والفعالية في موازنة بين هذه الأدوار هم الأجدر بنيل شرف هذا اللقب الذي يعني تحمل مسؤولية كبيرة في صناعة القدوة، وتبعات العطاء بلا حساب والقدرة على صناعة الإرادة والتدريب على مواجهة الأزمات إنهم الأشخاص الذين ترتفع درجة الحساسية لديهم بمجريات الأحداث بما يفوق مقياس ريختر لمقياس الزلازل التي تصيب النفس البشرية، وتستدعي وجود فئة تساهم في صياغة قوانين التغيير وتحمل نتائج فتح الأبواب المغلقة وصناعة عناصر المفاجأة، وتاريخ المبادرة، وهذه الشخصيات تولد من تجارب ومغامرات مؤثرة أوجدت هذه الروح التي تستقي أفكارها، وتصيغ أهدافها ومعانيها مما عاشته من ظروف إيجابية أو سلبية وتمكنت من خلالها تكوين نقلة جديدة ومؤثرة في تآلف مع مشاعر مقنعة تجعلها تخرج إلى منطقة القرار بأن تستفيد من كل ما في هذا الكون من مصادر للمعلومات، وأنسنة الأشياء، وتلمس طرق وأبجديات المرحلة والسير في خط متواز مع هذه الأولويات التي تحقق نظرة ثاقبة ومختلفة يمكن أن يصل إليها من يكتشف نفسه أولا ويقبل انعكاسات التجارب، والملهمين على حياته بعيدا عن التمسك بالبراري القاحلة تلك الولادة التي يمكن أن تخرج من رحم عشبة فرضت نفسها وتمددت على الأرض دون أن تكترث بمن يرويها، أو شجرة ألقت أوراقها الصفراء على الرصيف، أو من بكائية شاعر أو من شرود ضوء نحو الأفق البعيد، إنك بحاجة للبعد عن صرير تكرار الفعل وتوقع نتائج مختلفة ما تحتاجه هو صناعة وطن متكامل من ذاتك ينمو، أعماقك تعود إليه لتتحدث إليه وتناقشه وتختبئ خلف جدرانه وطن ينبع من ذاتك ليلهمك كيف تتمتع بشجر الأكاسيا وتساقط المطر ويشرح لك قيمة احتساء فنجان قهوة على رصيف بعيد ويأخذك مع الشمس لتتسلل من شقوق النوافذ، وتلعب مع الصغار لتثبت لكل قوانين الطبيعة أنك إنسان يؤثر ويتأثر ويفهم ويتفهم، ويعود إلى نفسه في نهاية المطاف ليتحدث إليها، ويقنعها أنه يستوعب حزمة الضوء التي يمر بها في كل يوم من هذه الموجودات التي لم يكن يعرف أنها من أعتى الملهمات.