لكل حكاية تكملة.. ولفلسطين بقايا من قصص الأمس الجارحة ومن تجدد آلام الحاضر التي تترسب في الوجدان وتعود لتظهر كلما اقتربنا حدود الجرح الذي تحاول غزة أن تجتازه لتصل إلى ضفتها الأخرى يفصلهما واقع مرير وغير منطقي يعبر عن مزيد من التشتت والانقسام الذي يضاف إلى مواجع اللاجئين الذين تشردوا في كل بقاع الأرض دونما هوية أو حقوق، لم أعد بحاجة لسؤال أهلي عن الحال الذي يجيب عن نفسه وتتباين إجابته بين السيئ والأسوأ لذلك الرد المكرر الذي يقول إن في كل بيت فلسطيني “دمعة حزن” ترسخت في ملح الجدران وارتشاح الفقر على بوابات المنازل نتيجة للاحتلال الغاشم وللخلاف و الاختلاف بين أبناء البيت الفلسطيني الواحد فعلى الرغم من متاعب سكان غزة في سجن كبير يعيشه مجتمع بأكمله معركة مع رغيف الخبر وانقطاع الكهرباء وتوفير الماء والغاز والأكسجين إلا أن الخلافات بين الفصائل الفلسطينية تعتبر من أهم الإشكاليات التي يواجهها هذا الشعب المحاصر الذي لا تنقصه قصص الخذلان لقضية صارت مضرب الأمثال في تعقيدها وانعدام الحلول فيها وتضاؤل فرص العودة والحياة الكريمة في ذلك الركن البعيد والموجع من الأمة الإسلامية يولد في كل يوم جرح يسدده الاحتلال إلى قلب العالم الإسلامي ويتضاعف النزف بتزايد الخلافات والتسابق على مراكز السلطة بينما يضج المجتمع الفلسطيني بحكايات القتل والانتحار والسلب وترويج المخدرات التي تكاثرت بفعل التجويع وانعدام مصادر الدخل و البطالة وفقدان القدرة على التعليم وسوء الأحوال الاقتصادية وتهاوي الوحدة الداخلية التي زادت من الهموم هموما معلنه لموت مؤجل هو في الأساس شرخ كبير بين ورثة هذه القضية وحالة التنافس المحموم الذي أعطى للمحتل فرص البقاء والتمدد على التراب الفلسطيني بينما انشغل أبناء هذا البلد بقضايا الخلاف والتأييد وحسم الرواتب ودخول أفكار جديدة على خط التفاعل وإدخال الشعب الفلسطيني المنكوب وبلا ذنب في عداوات دولية بسبب تبعيات سياسية زادت من معاناته وقضمت ما تبقى من مساعي السلام وحولت القصة الفلسطينية إلى قصة حزن مركونة على رف الاهتمامات العربية مما زاد من عزلتها و إقصائها حتى عن حالة التعاطف والمواساة، هذه المصالح والطبخات السياسية التي كثرت فيها المغارف والملاعق والتدخلات التي دفع ثمنها شعب بأكمله فاتورة أضيفت إلى قائمة القمع والأسر واستهداف الطفل الفلسطيني والجيل الجديد بأكمله بالتجويع والحرمان من الحياة والإبقاء على سقوط الفلسطيني إلى القاع في حين تتمتع كافة قياداته بكل مزايا الترف وتبادل لعبة الكراسي واختبار القوى بينما يعيش الفلسطيني في الداخل والخارج في مسلسل حزين وطويل ومحبط لسيناريو تكرار الموت والبقاء في المنافي وتحت وطأة الترجي وانتظار بصيص ضوء خافت تطارده قائمة من التهم التي لم يقترفها من لجوء لآخر..ومن خندق لآخر بينما نسوا جميعا أن فلسطين السليبة هي شرف الأمة وكرامتها وآخر معقل للكبرياء العربي وأنها يجب أن تتجاوز الخطب والشعارات الرنانةولافتات الكذب والمزايدات إلى إزاحة كابوس الاحتلال وإعادة العقل الفلسطيني إلى صوابه و صموده المسروق وقضيته التي تفرق دمها بين البلاد، بينما حقق أعداؤها كل أهدافهم من زرع الفرقة في الصف والبيت الفلسطيني الذي يضم كافة الفصائل لأهداف غير معلومة الغايات يقتل الأخ أخاه أو قريبه تحقيقا لتوجيهات لأولئك خفافيش الظلام، الذين ينتظرون تفريغ القضية من هويتها وإلصاقها بقضايا الإرهاب وإزاحة فكرة العودة وتقرير المصير وإعلان الدولة الفلسطينية من الطريق العربي والإسلامي في اتجاه التغييب و تحقيقا لطموح المستفيدين من تهميش القضية ورميها إلى غياهب النسيان .
الأحد، 14 مايو 2017
السبت، 6 مايو 2017
العدوى الإعلامية
لم أكن أعد أحجار الشوارع كما أفعل الآن، ولم أتمعن في واجهات المحلات وأعمدة الكهرباء ووجوه البشر ومعانيها، لم أكن أتقصى عما وراء الأخبار من خفايا ومن ملابسات، ولم يكن يأخذني الحماس والاندفاع لأن أنقب في كل الحكايات التي أسمعها وعن مصادرها ومدلولاتها وحيثياتها، كنت كغيري من الناس أقول ما يقولون وأفعل كما يفعلون بسطحية التفكير أحيانا أو بعمقه أحيانا أخرى في حالة التلقي دون أي شعور بمسؤولية الكلمة التي منحتها لي صاحبة الجلالة «الصحافة» التي تعلمت منها كثيراً من حالات البحث والتدقيق وعمق الاستفسارات والفضول أحيانا لأسئلة كثيرة تعلقت في فمي ولم أكن أستطيع منعها من «الاندلاق» للحصول على المعرفة، نعم تغيرت مع هذا الكيان الضخم الذي لا يمكن أن ينجو من إخفاقاته أحد، فالكل يسير على هداه ووفقا لتفكيره ومرئياته يفسر على طريقته منطلقا من قناعاته، الكل يتحدث ويثرثر في وسط قابل للأخذ والرد والسجال الطويل، وكنت كغيري من الإعلاميين أندفع أحيانا مع بعض الأحداث، وأعيش حالة مغرقة من التعاطف، وأتماسك أحيانا أخرى، وأصمت وأنتظر سقف حرية أعلى، وفي كل المحطات كنت أحاول أن أفهم ردود الأفعال نحو الإعلامي الذي قد يقبله بعض الأشخاص وقد يرفضه البعض الآخر نتيجة لمواد أو مواقف معينة قد يكون هو من اقترفها وأخرى قد يكون قد تورط بها أو فرضت عليه، فيومي الإعلامي مليء بالمتاهات، أسير فيه وكأني أمر عبر حقل من الألغام الذي لا يمكن أن أشعر فيه بالأمان على ساقي فقد ينفجر بهما مكان آمن أو يدي التي يمكن أن تحترق نتيجة خطوة تعاطف متهورة قد أدفع ثمنها غاليا، ولعل الحديث في هذا المجال له شجون متشعبة يمكن أن تلاحظها في وجوه الآخرين عندما تقف لتعلن عن هويتك كإعلامي فتفاجأ بحالات قبول وتأييد أو رفض أو تجاهل، وفي كل هذه الأحوال لا يمكن للإعلامي الحقيقي أن يفوت أي فرصة لصناعة مادة من أبسط الأشياء التي يحتاج فيها فقط لفكرة يصطادها من كل موقف ويسلط عليها الضوء ويضعها أمام القارئ أو المتلقي، وفي تعددية الإعلام الجديد ودخول عديد من الشخصيات الإعلامية على الخط الساخن يمكن أن تلاحظ التغيير الذي لحق بالمجتمع، وقد تكون العدوى الإعلامية قد وصلت إليه وتغير هو أيضا وابتعد عن حالة السذاجة في تلقي الحدث، بل صار يرد ويعلق ويسخر وينتقد ويتقصى ويتساءل ويعيش حالة تغيير إيجابية أصبح يحتاج إليها ليخرج من دائرة الاستغفال إلى رحابة معرفة الحقوق والمصادر، مما يؤكد أهمية لفت انتباه المؤسسات الإعلامية إلى أن لديها متلقياً واعياً وشرساً، ولا تمر عليه المعلومة مرور الكرام، مما يتطلب منها أن تهتم بتدريب جنودها ومنسوبيها، وتلفت نظر كتابها، وتهيئ كافة قدراتها لمواجهة ساخنة ورقابة مشددة يترأسها المواطن الذي صار يقرأ ما بين السطور، ويلتفت بنظرة متبصرة نحو الأحداث، ذلك الذي خرج من فطرية التلقي إلى احترافيته وإلى المساهمة في تغيير الواقع، وصار شريكا موازيا لقطار الصحافة القادرة على النبش في القضايا وإظهار خفاياها، والوقوف على الحقائق بكل ثقة ومقدرة.
نعم تغيرنا جميعا؛ فقد منحتنا سلطة التقنية قدرات التثبت والاسترجاع وإظهار الحقائق ومتابعة لحظية لكل ما يجري، فعلى الرغم من حالة الضجيج التي صارت تلاحقنا إلى آخر حدود وسائدنا، إلا أننا يجب أن نعترف بأننا تغيرنا من الغياب إلى الحضور، ومن اللامبالاة إلى المشاركة والتفاعل، على الرغم مما ندفعه من مساحات أوقاتنا وما نستهلكه يوميا من مقدار راحتنا، إلا أننا قد نستفيد في المحصلة النهائية من حالة اليقظة الالكترونية التي فرضت علينا أن ننام بأعين مفتوحة، وأن ننتبه لما قد يأتي؛ لكي تكون لدينا القدرة على تغييره لصالحنا.
نعم تغيرنا جميعا؛ فقد منحتنا سلطة التقنية قدرات التثبت والاسترجاع وإظهار الحقائق ومتابعة لحظية لكل ما يجري، فعلى الرغم من حالة الضجيج التي صارت تلاحقنا إلى آخر حدود وسائدنا، إلا أننا يجب أن نعترف بأننا تغيرنا من الغياب إلى الحضور، ومن اللامبالاة إلى المشاركة والتفاعل، على الرغم مما ندفعه من مساحات أوقاتنا وما نستهلكه يوميا من مقدار راحتنا، إلا أننا قد نستفيد في المحصلة النهائية من حالة اليقظة الالكترونية التي فرضت علينا أن ننام بأعين مفتوحة، وأن ننتبه لما قد يأتي؛ لكي تكون لدينا القدرة على تغييره لصالحنا.
مواسم الأمهات
كما تزدان الأرض بمواسمها وهي تمارس طقوس الصبر وتخفي في داخلها جذور التعب لتخرج لنا في النهاية أشجارها وخضرتها بعد أن تطلق العنان للعشب كي يتمدد على ضلوعها ويتشبث بردائها وبعد أن تتحمل ابتلاع خرير الماء ورقص الأمطار وركض البشر ولهاث السيارات والشاحنات والقطارات بينما تظل تحمل محافظة على بشاشتها وابتسامتها، وعلى الرغم من قصص العناء تظل رمزاً لعنفوان الحكايات التي يزيدها التراب رونقا عندما يتغلغل فيها لتخرج أزهار الجاردينيا والجوري وثمار الفاكهة وقطوف العنب وحبات الكرز، هكذا هي مواسم الأمهات المعجونة بطين الصبر والمروية بتعب لحظات الانتظار والخوف، فهن وحدهن قادرات على احتمال ما لا يحتمل، وهن وحدهن من استطعن حل معادلة القرب من الكمال في رحلة الركض اليومي نحو أفق التضحيات. إنهن الأمهات السائرات نحو المستحيل بخطاهن المتعبة على أشواك الحقائق ووخز الذكريات يسابقن الزمان ويركضن في الطرق لجلب ورقة حظ واحدة لأبنائهن تكون مكللة بالدعوات التي لا تتعب ولا تكل من لهاث الحقائق، فلكل أم مواسمها وأمطارها وتحدياتها التي تحاول تجاوزها حيث يظل النبض راكضاً في كل الطرق يتابع خطوات المسافرين والغائبين ويواسي المقاعد الخالية والزوايا المهاجرة والغرف الصامتة والأواني التي تنتظر ملاعق الصغار العائدين من المدرسة وألحفة النوم التي هجرها الدفء وغاب عنها الراقدون ومضوا إلى نداهات الحياة وتركوها على ناصية الانتظار تتحرى الثواني لتطمئن روحها بلقياهم.
وقد لا يكون في يوم أعياد الأمهات أكثر من حالة ردع للذاكرة واستعادة لتجارب الصحو والخروج من حالة الغياب والعودة إلى أول نقطة في حياة الإنسان أول قطرة ضوء لمحها من ابتسامات الرضا تلك التي لا تنسى ولا تغيب عن الخاطر؛ ففي وجوه الأمهات يتفوق العطاء والإيثار على كل الخصال، يمر عام ويأتي غيره آخر وتتوالى الأعياد ما بين الذاكرة والنسيان في منطقة يظل فيها رابط خفي بين أمهات الكون وأرواح البشر بمشاعر تهطل بالفطرة وتتعاظم بفعل الحنين وانحناءات الذكريات ذلك الميثاق الذي يكبر في دواخلنا دون استئذان ودون أسباب أو مبررات، هذه الأم التي إذا حضرت جلبت معها كل أجندات السعادة ومواسم الصحو والإشراق وإذا غابت أقفر الكون وتلاشت معه كل معاني الحياة، وكأن ذلك النبض الذي يدق نواقيسه في قلبها طقس لاحتراق آخر لشمعة ظلت تضيء درب المتعبين من أبعد نواقيس الصبر.
فهل يمكن أن يمر هذا اليوم هيناً على من فقدوا أمهاتهم ومن حرموا من بهجة لقائهن أو من هجروا دقات الحضور؟ هل يمكن أن يمر هذا اليوم طيفاً قابلاً للزوال على من تنكروا لمواسم الأمهات ونسوا مواقيت النور كيف يمكن أن يمر هذا اليوم دون دمعة أو غصة أو حتى دون نوبات الحنين! كيف يا أمي ويا أمهات الكون يمكن أن لا نواسي في قلوبنا رفيف الثواني وخفقات الدقائق في مواقيتكن الدافئة والحنونة وأن لا نركض لنختبئ في أهدأ مكان بعيداً عن كل الضجيج؟!
قال شكسبير «ليس في العالم وسادة أنعم من حضن الأم».
وقد لا يكون في يوم أعياد الأمهات أكثر من حالة ردع للذاكرة واستعادة لتجارب الصحو والخروج من حالة الغياب والعودة إلى أول نقطة في حياة الإنسان أول قطرة ضوء لمحها من ابتسامات الرضا تلك التي لا تنسى ولا تغيب عن الخاطر؛ ففي وجوه الأمهات يتفوق العطاء والإيثار على كل الخصال، يمر عام ويأتي غيره آخر وتتوالى الأعياد ما بين الذاكرة والنسيان في منطقة يظل فيها رابط خفي بين أمهات الكون وأرواح البشر بمشاعر تهطل بالفطرة وتتعاظم بفعل الحنين وانحناءات الذكريات ذلك الميثاق الذي يكبر في دواخلنا دون استئذان ودون أسباب أو مبررات، هذه الأم التي إذا حضرت جلبت معها كل أجندات السعادة ومواسم الصحو والإشراق وإذا غابت أقفر الكون وتلاشت معه كل معاني الحياة، وكأن ذلك النبض الذي يدق نواقيسه في قلبها طقس لاحتراق آخر لشمعة ظلت تضيء درب المتعبين من أبعد نواقيس الصبر.
فهل يمكن أن يمر هذا اليوم هيناً على من فقدوا أمهاتهم ومن حرموا من بهجة لقائهن أو من هجروا دقات الحضور؟ هل يمكن أن يمر هذا اليوم طيفاً قابلاً للزوال على من تنكروا لمواسم الأمهات ونسوا مواقيت النور كيف يمكن أن يمر هذا اليوم دون دمعة أو غصة أو حتى دون نوبات الحنين! كيف يا أمي ويا أمهات الكون يمكن أن لا نواسي في قلوبنا رفيف الثواني وخفقات الدقائق في مواقيتكن الدافئة والحنونة وأن لا نركض لنختبئ في أهدأ مكان بعيداً عن كل الضجيج؟!
قال شكسبير «ليس في العالم وسادة أنعم من حضن الأم».
نبض لا يخرج عن التغطية
في وصف الحديث الساخر عن مجريات الأحداث التي سرعان ما تتحول إلى نكتة مضحكة مبكية لسان حالها القائل «شر البلية ما يضحك» يمكننا أن نرصد كماً هائلاً من الرسائل والعبارات التي كسرت قواعد مقص الرقيب وأسقف الحريات وبروتوكولات اللباقة وتنسيق العبارات، وانطلقت حرة لتعبر عما في الضمير والوجدان في تجاوز لهيبة الصحافة وسلطة القانون إلى إحداث حالة من التغيير الواعي الذي يقول «نعم إننا نفهم كل ما يجري، ونلتزم الصمت، ونعبر بطريقتنا الخاصة»، ولعل في التغيرات الجذرية التي نعيشها دوليا وعربيا ومحليا وحالة التحول الغريب التي شهدتها المجتمعات أدت إلى ظهور أشخاص جندوا أنفسهم لقراءة الواقع بطريقة مختلفة من التعبير، تلك التي تخرج من أروقة المقاهي الشعبية ومن منعطفات المنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي للتعليق على الأحداث بطريقة تتشابه في حالة المشاكسة مع الكاريكاتير أحيانا، وإلى الأدب الساخر أحيانا، فمن آلام الشعوب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية يبدأ «فعل السخرية» وينطلق حرا بمعالجة تصل حتما إلى الرقيب ومقصه، وإلى أذن السلطة الأولى والأخيرة التي تظل حائرة بين فكرة العقاب أو التغاضي، فهي تدرك أن هذا الحوار المختلف هو في كل من الأحوال حالة من التنفيس ووجه آخر للتعامل مع الأحزان أو الرغبة في الحرية والانطلاق والحديث عن تابو المحرمات أو الحوار حول أهداف معلنة وغير معلنة، وذلك باعتبار أن النكتة الحرة ذات طابع واضح وصادق، فهي تخرج دون مساحيق تجميل أو رتوش، فالحديث الساخر عن الفقر وعن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية هو حديث «عابر للقارات» يصل إلى الأذهان بشكل قد يجعله يتفوق على أقوى المقالات المحبوكة، ويتجاوز حتى أهم التحليلات الاقتصادية والسياسية.
فهل يمكن أن يعاقب القانون على النكتة أو الحديث الساخر الذي يندلق كالماء بين شوارعنا للتعبير عن مشاعر مكبوتة أو منفعلة، ذلك الذي يمكن أن يتشابه مع الزوايا الحادة أحيانا ومع وخز الإبر أحيانا أخرى، ومع أشكال هلامية المعاني لا يمكنك سوى أن تزرع على وجهك ابتسامة، فقد قال فرديريك نيتشه «إن النكتة هي سخرية من موت الشعور»، في حين أسهب العالم النفسي سيجموند فرويد في كتابه «علاقة النكتة باللاشعور» بالحديث عن أنواع النكت ووظائفها المختلفة، وأثرها العميق وقدرتها على كشف الأفكار الحقيقية للإنسان دون قصد منهم، وقدرتها الأهم على «التنفيس» وتخفيف الضغط عن طريق إضحاك الناس، والسؤال هنا هو عن وجود قوانين صادرة بحق هذا الحديث الهامس بين الناس؟ يسمعونه ويبتسمون لكونه يمثلهم ثم يمضون إلى حياتهم بالنظر إلى هذه العبارات بأنها وسيلة من وسائل الحوار الصريح الذي يخرج عن جهة غير منضبطة مرتبطة بتشكيل الصورة الذهنية لدى الشعوب وهي حرب فكاهية ناعمة على كل ما يخرق سعادة الإنسان أو يلبي مطالبة أو يعمل على ترسيخ صورة نمطية عن الرجل والمرأة أو فئة من فئات المجتمع، فهي تأخذ أشكالا وأهدافا متعددة، وفي كل الأحوال فإن هذه الجمل التي سكنت نواصي الشوارع وعبرت إلى الأزقة وركضت في المدن هي لغة لا يمكن تجاهلها، وأعتقد أنها ظلت وستظل تحمل حالة من السلطة الخاصة والنبض الذي لا يمكن أن يخرج عن التغطية؛ لأنه يمس إنسانية الإنسان وكل ما يلامس حياته ومشاعره في لغة متداولة يصعب السيطرة عليها أو ضبطها أو منع تداولها؛ لأنها تعتبر أداة مجانية للحفاظ على الحد الأدنى من صحة الإنسان النفسية.
فهل يمكن أن يعاقب القانون على النكتة أو الحديث الساخر الذي يندلق كالماء بين شوارعنا للتعبير عن مشاعر مكبوتة أو منفعلة، ذلك الذي يمكن أن يتشابه مع الزوايا الحادة أحيانا ومع وخز الإبر أحيانا أخرى، ومع أشكال هلامية المعاني لا يمكنك سوى أن تزرع على وجهك ابتسامة، فقد قال فرديريك نيتشه «إن النكتة هي سخرية من موت الشعور»، في حين أسهب العالم النفسي سيجموند فرويد في كتابه «علاقة النكتة باللاشعور» بالحديث عن أنواع النكت ووظائفها المختلفة، وأثرها العميق وقدرتها على كشف الأفكار الحقيقية للإنسان دون قصد منهم، وقدرتها الأهم على «التنفيس» وتخفيف الضغط عن طريق إضحاك الناس، والسؤال هنا هو عن وجود قوانين صادرة بحق هذا الحديث الهامس بين الناس؟ يسمعونه ويبتسمون لكونه يمثلهم ثم يمضون إلى حياتهم بالنظر إلى هذه العبارات بأنها وسيلة من وسائل الحوار الصريح الذي يخرج عن جهة غير منضبطة مرتبطة بتشكيل الصورة الذهنية لدى الشعوب وهي حرب فكاهية ناعمة على كل ما يخرق سعادة الإنسان أو يلبي مطالبة أو يعمل على ترسيخ صورة نمطية عن الرجل والمرأة أو فئة من فئات المجتمع، فهي تأخذ أشكالا وأهدافا متعددة، وفي كل الأحوال فإن هذه الجمل التي سكنت نواصي الشوارع وعبرت إلى الأزقة وركضت في المدن هي لغة لا يمكن تجاهلها، وأعتقد أنها ظلت وستظل تحمل حالة من السلطة الخاصة والنبض الذي لا يمكن أن يخرج عن التغطية؛ لأنه يمس إنسانية الإنسان وكل ما يلامس حياته ومشاعره في لغة متداولة يصعب السيطرة عليها أو ضبطها أو منع تداولها؛ لأنها تعتبر أداة مجانية للحفاظ على الحد الأدنى من صحة الإنسان النفسية.
يحق للأرض...
يحق للأرض أن تظل حرة ويحق لترابها أن يرقص كالمطر في كل الأمكنة، يحق لها أن تختال لأنها تعرف أنها بداية الإنسان ونهايته وأنها أغلى ما يملك، ويحق لها أن تفرض سلطتها وعنفوانها وسيادتها وتبعية الإنسان لها، يركض خلفها أينما ذهبت لشعور خفي في داخله بوجه شبه عظيم بينها وبين أمه التي خرج من رحمها ذات يوم، فعندما أبدع سيد مكاوي في المقام البياتي الذي كتبه الشاعر اللبناني فؤاد حداد لأغنية «الأرض بتتكلم عربي» كان يعني أننا لن نجني ثمار حياتنا إلا عندما يزول الاستعمار والمؤامرات عن أرضنا، وعندما نتمكن من فرض حالة التوازن والحماية الكافية لأرضنا العربية حتى تتنفس الحرية وتنعم بشمسها وتتكلم بلغتنا وتحس بمشاعرنا بالانتماء إليها.
وفي «يوم الأرض» الفلسطيني العربي الإسلامي تعود الذكريات من جديد لتؤجج مشاعر الحزن والحنين لكل من حرم من ترابه ومأمنه ومن دفء ثرى وطنه، فهي التي قال عنها محمود درويش «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، وقال أيضاً «أنا الأرض والأرض أنت».
هذه الأرض العربية التي توجعت ضلوعها من مشاعر الاقتتال ومن مرارة الدماء ورحيل الأقدام ومسرحيات الغياب الدرامية ومزارع من الخناجر على امتداد خارطة الأرض العربية التي لم تستثنِ جرحاً من مواعيدها الغامضة التي ظلت تنتظر هطولها تحت زخات ضوء هذا القمر العربي الليلكي الذي صار يئن حزيناً على وجع الأرض في حالة من التوازي والتلاقي بينهما، فعلى الرغم من بعد المسافة إلا أن السماء تملك من الحنين ما يكفي لتبكي على حزن الأرض وألمها.
فيوم الأرض الفلسطيني الذي يحييه الفلسطينيون في 300 آذار من كل عام يعود الآن وبعد 41 عاماً ليعلن اعتراضاً جديداً على مصادرة إسرائيل آلاف المساحات من الأراضي ذات الملكية الخاصة في عام 1976م في نطاق حدود مناطق ذات أغلبية سكانية فلسطينية، حيث عم حينها إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب ليسجل هذا التاريخ حدثاً محورياً في الصراع على الأرض، لأنه شكل أول حالة اعتراض فلسطيني على سياسات إسرائيل الاستعمارية وإثبات المطالب، ولذلك فإن هذا اليوم ليس مناسبة للاحتفال والرقص على أنقاض الذكريات، وإنما هو رمز للتشبث بالهوية والأرض والوطن وتذكير بالرفض الفلسطيني للاحتلال ورد على كل من يزايد على بيع الفلسطيني أرضه وكأنه لا يقرأ تاريخ الأطماع اليهودية والمؤامرات التي تحاك للاستئثار بالتراب الفلسطيني هذا اليوم يعني كل العرب والمسلمين في كل مكان ويضعهم مرة أخرى أمام ضمائرهم مرات ومرات، ويذكرهم بأن فلسطين وأرضها يجب أن تظل قضيتهم الأولى وأنها ستظل تناضل من أجل الأرض وتحريرها من الاستعمار مهما اختلفت التوجهات ودارت الأزمات وتكالبت الظروف وكثرت الخيانات والمزايدات، وسيبقى لدى الإنسان العربي حالة من التشبث بأرضه لاعتباره أنها تعادل روحه وماله وعرضه، وسيظل في حالة بحث واستبسال لحمايتها واسترجاعها وإن اختلفت الأولويات والمتغيرات التي بدلت المواقع وغيرت في خارطة الفكر العربي نحو توجهات سياسية ومؤامرات. ستظل أرض فلسطين في انتظار أبنائها بصبر كبير حتى يتذكروا أن لهم أماً سليبة في يد الاستعمار، وأن لها عليهم حق التحرير.
أرض فلسطين تحتاج إلى حب عظيم يكفيها لأن تخرج من حالة الحداد بأن تختار أحقية الحياة، وأن تجهض عاهات الاستعمار، يحق لها أن تنسى أسرارها الدموية وأن تربي بين ضلوعها أشجار السلام، يحق لها ولأبنائها أن يتجاوزوا ظلال الموت وخيام الجوع والفقر واللجوء التي خيمت على وطن بأكمله لأكثر من ستين عاماً، يحق لها أن تطلق ضفائرها نحو المدى وأن تحيا بكرامة وحرية وأن تزرع العشب الأخضر بين أصابعها.. لها الحق كل الحق في الحياة
وفي «يوم الأرض» الفلسطيني العربي الإسلامي تعود الذكريات من جديد لتؤجج مشاعر الحزن والحنين لكل من حرم من ترابه ومأمنه ومن دفء ثرى وطنه، فهي التي قال عنها محمود درويش «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، وقال أيضاً «أنا الأرض والأرض أنت».
هذه الأرض العربية التي توجعت ضلوعها من مشاعر الاقتتال ومن مرارة الدماء ورحيل الأقدام ومسرحيات الغياب الدرامية ومزارع من الخناجر على امتداد خارطة الأرض العربية التي لم تستثنِ جرحاً من مواعيدها الغامضة التي ظلت تنتظر هطولها تحت زخات ضوء هذا القمر العربي الليلكي الذي صار يئن حزيناً على وجع الأرض في حالة من التوازي والتلاقي بينهما، فعلى الرغم من بعد المسافة إلا أن السماء تملك من الحنين ما يكفي لتبكي على حزن الأرض وألمها.
فيوم الأرض الفلسطيني الذي يحييه الفلسطينيون في 300 آذار من كل عام يعود الآن وبعد 41 عاماً ليعلن اعتراضاً جديداً على مصادرة إسرائيل آلاف المساحات من الأراضي ذات الملكية الخاصة في عام 1976م في نطاق حدود مناطق ذات أغلبية سكانية فلسطينية، حيث عم حينها إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب ليسجل هذا التاريخ حدثاً محورياً في الصراع على الأرض، لأنه شكل أول حالة اعتراض فلسطيني على سياسات إسرائيل الاستعمارية وإثبات المطالب، ولذلك فإن هذا اليوم ليس مناسبة للاحتفال والرقص على أنقاض الذكريات، وإنما هو رمز للتشبث بالهوية والأرض والوطن وتذكير بالرفض الفلسطيني للاحتلال ورد على كل من يزايد على بيع الفلسطيني أرضه وكأنه لا يقرأ تاريخ الأطماع اليهودية والمؤامرات التي تحاك للاستئثار بالتراب الفلسطيني هذا اليوم يعني كل العرب والمسلمين في كل مكان ويضعهم مرة أخرى أمام ضمائرهم مرات ومرات، ويذكرهم بأن فلسطين وأرضها يجب أن تظل قضيتهم الأولى وأنها ستظل تناضل من أجل الأرض وتحريرها من الاستعمار مهما اختلفت التوجهات ودارت الأزمات وتكالبت الظروف وكثرت الخيانات والمزايدات، وسيبقى لدى الإنسان العربي حالة من التشبث بأرضه لاعتباره أنها تعادل روحه وماله وعرضه، وسيظل في حالة بحث واستبسال لحمايتها واسترجاعها وإن اختلفت الأولويات والمتغيرات التي بدلت المواقع وغيرت في خارطة الفكر العربي نحو توجهات سياسية ومؤامرات. ستظل أرض فلسطين في انتظار أبنائها بصبر كبير حتى يتذكروا أن لهم أماً سليبة في يد الاستعمار، وأن لها عليهم حق التحرير.
أرض فلسطين تحتاج إلى حب عظيم يكفيها لأن تخرج من حالة الحداد بأن تختار أحقية الحياة، وأن تجهض عاهات الاستعمار، يحق لها أن تنسى أسرارها الدموية وأن تربي بين ضلوعها أشجار السلام، يحق لها ولأبنائها أن يتجاوزوا ظلال الموت وخيام الجوع والفقر واللجوء التي خيمت على وطن بأكمله لأكثر من ستين عاماً، يحق لها أن تطلق ضفائرها نحو المدى وأن تحيا بكرامة وحرية وأن تزرع العشب الأخضر بين أصابعها.. لها الحق كل الحق في الحياة
كيف تحلب نملة؟
للكتابة ثراء خاص وديمومة فكرية لا يمكن أن يشعر بها سوى من تلذذ «بفعل الكتابة» وتمرس في مغازلة الحروف وتنقيح المعلومات وتفنيد المعارف وإلقاء الضوء عليها وتفصيلها وتدقيقها وتحويلها في كثير من الكتب إلى كنوز من الأفكار أو جواهر لغوية فريدة وعقود ينظم قطعها أولئك الذين يدركون أهمية إثراء عملية الكتابة من خلال الإبداع الحقيقي، ولعل موجة الكتب التي غزت دور النشر ومعارض الكتب التي حملت بين طيات سطورها شكلاً جديداً من أشكال الكتابة قد لا يجد فيها القارئ مبتغاه خلال رحلته إلى هذا العالم الخاص جداً، التي يعتبرها كثير من الناس نعمة وصحبة يأنسون إليها في أماكنهم الدافئة ويبحثون عن صحبتها وارتياحهم لها عند ارتياد هذه الشواطئ المملوءة بالمغامرات، ولعل حركة التأليف في العالم العربي عموماً وفي السعودية بشكل خاص شهدت حراكاً كبيراً وتأثراً واضحاً بمعطيات المرحلة التقنية تميزت خلالها بعض الكتب بالجودة بينما توارى بعضها الآخر مع حالة الفوضى والتفاهة التي يعيشها هذا العالم من بروز شخصيات فارغة لتتصدر المواقع الاجتماعية وكأن هذه المرحلة من حالة الانفلات في قوانين التأليف والخروج عن الأطر العامة في تطبيق أهم أولويات صناعة الكتب والمؤلفات التي أصبحت تفتقر إلى أبسط قواعد المعرفة والإبداع، وكأن القصة أضحت تقتصر على حالة تنافسية لخروج إصدارات تهتم بالكم أكثر من الكيف عندها، ولعلي أذكر حديث بعض المواقع الجزائرية عما اعتبره النقاد كارثة أدبية في معرض الكتاب الدولي بالجزائر، المتمثلة في عرض كتاب يحمل عنوان «كيف تعلم ابنك الحمار بدون تكرار؟» وكتاب «كيف تحلب نملة؟»، و»هل أنت حمار شغل؟»، والتساؤل الكبير عن مشاركة مثل هذه المؤلفات في معارض الكتب والفوائد التي يمكن أن تقدمها مثل هذه المؤلفات؟ حيث لا يمكن للقارئ أن يتصور أنه قد قطع تذكرة لدخول حديقة جميلة ووارفة الظلال وعندما دخل إليها وجدها صحراء جرداء قاحلة لا يسكنها سوى الخواء والحروف الفارغة من المعاني والمشاعر، مما يستدعي التدقيق في المنتج الفكري الذي يمكن أن يضعه الكاتب بين دفتي الكتاب، الذي يجب أن يبحث فيه عن تطلعات القراء من هذه الرحلة وما يتأملون تحقيقه، وذلك لا يمكن أن يحدث حالة من الانقلاب في التفكير وفي المنتج إلا بفعل القراءة وصناعة دستور للحروف وقانون صارم وملزم يحاكم هذه المؤلفات ويضعها على طاولة النقد قبل أن يعلن لحظة ولادتها في معارض الكتب وبعد أن يفكر في تغيير خارطته الكتابية التي تعتمد على مخزون كافٍ من المعلومات واللغة والمقومات الأساسية التي يمكن أن لا يجلس فيها الكاتب على سنام القبول أو الرفض، بينما يستطيع بفعل تطوير أدواته أن يشعر بحالة التوازن التي يمكن أن يحققها للقارئ عند التروي في طرح الفكرة وتقديم الأفكار بحتمية استقرار السنابل في الحقول وزراعة طقس جديد وإضفاء زرقة أخرى لقواميس البحر، فعندما تكون هناك خارطة للطموح يمكنه أن يفرض سلطة الكلمات من خلال السفر داخل الإنسان وإيجاد قاسم مشترك بين الأجيال وملايين العقول التي لم تتشكّل بعد وتحتاج إلى ضوء آخر يمكن أن يشع من بين سطور كتاب بدلاً من خواء محتواه وفراغه من أي فائدة علمية أو شعورية أو أدبية مما يمكن أن تحقق لهذه الصناعة تميزها، التي تتطلب قراءة واقعية لمحتويات الكتب وتصنيفها ومعرفة الغث والسمين منها واختيار أهم الطرق للحفاظ على القيمة الأدبية والأخلاقية للكتاب وسلطته الفوقية في تقديم المعرفة وفي حفظ العلوم وصيانتها من الاندثار وتحقيق أهم مبادئ العلم والثقافة.
ركن لا يتوقف فيه المطر
ندما سألني أحدهم ما هو الركن الذي لا يتوقف فيه المطر؟ لم يكن الجواب محيرا بالنسبة لي لأنني أؤمن أن لدى كل منا مكانا خاصا يرجع إليه ليبتهل إلى الله فيه ويعمر قلبه بالإيمان وبالذكر في ذلك الركن الخفي الذي ينغرس في الوجدان ويمنح الإنسان القدرة على مواجهة المتاعب والصعاب ومقاومة الظروف والمستجدات في مكان يخلو فيه إلى نفسه ويجلس طويلا ليحدد مواطن ضعفه وقوته والأوقات التي يجب أن ينحني فيها للريح كي تعبر والأخرى التي تتطلب منه الوقوف بصرامة وحزم لمواجهة المتغيرات ووضع النقاط على الحروف. إن هذا المكان يحتوي على عديد من المميزات لكونه يضم صندوق الذكريات والصور التي لا تغيب عن الخاطر، وكأن لكل منا كومة من المعلومات المؤرشفة التي يضعها في هذا الصندوق ليتوارى عن الآخرين ويتذكر ويغيب وحيدا خلف الأفق، وقد يبتسم عندما تحلق بعض الذكريات فوق رأسه وقد يشرد مع نقر عصافير الذاكرة لمواطن التعب في حياته ثم يغلق هذا الصندوق ويعود لممارسة حياته بعد أن فرغ من طقوسه الخاصة.
إن المكان الذي لا يتوقف فيه المطر هو ذاته المكان الذي يعتبر منبعا للإرادة الإنسانية التي لا تقهر، فلكل منا زاويته الخاصة التي يجلس فيها بعيدا عن الأنظار ليحدث نفسه عن كيفية إيجاد التوازن النفسي والفكري والاجتماعي والاقتصادي والبحث عن آلية ترميم ما انعطب من الوجدان وتجاهل إشكاليات الخذلان والمفاجآت التي قد تأتي من مجريات الأحداث أحيانا ومن الأشخاص أحيانا أخرى، فيظل لهذا الركن ميزة الحصول على حالة الاحتواء النفسي والتصالح مع الذات والقدرة الحوارية مع النفس وتعزيزها، فالنفس الإنسانية في حالة عطش دائم للإرواء المطري الذي يخرج من ذواتنا ومن نظرتنا الإيجابية نحو الأشياء ومن خلق مبررات السعادة التي يمكن للإنسان الحصول عليها عندما يتذكر النعم التي ميزه الله بها، وتجاوز حالة الفوضى الذاتية إلى منطقة الاستقرار والخلود إلى حالة التعامل مع الذات بصفتها كائنا حيا يمكن التخاطب معه ومكافأته وتأنيبه وتدليله إذا استدعى الأمر، فهذه المحطة من الإبحار داخل الذات لا تقل في أهميتها عن اللحظات التي ننسجم فيها مع الأصدقاء والأهل وتحويل هذه الزيارة المستدامة باتجاه القلب والذاكرة هي لأهم وسائل تحقيق حكمة الإدراك والقدرة على إدراك الآخر والحوار العميق وتصحيح المفاهيم من خلال بصيص النور الذي يشع من قراءتنا المختلفة لكل ما هو حولنا وحواسنا غير المعروفة المدى التي تنصت لما في دواخلنا وتقرأ ببصيرتنا الفطرية مالا يمكن أن نقرأه في آلاف الكتب، فهذه الزيارة تعزز المناخ المولد لهوية الإنسان والتغلب على مخاوفه والتكيف مع محيطه وعقد مقارنات صادقة بين ما يفكر به وما يعيش أنه الحوار الأخاذ مع الذات الذي يمكن أن يحقق تغذية الروح بالمشاعر النبيلة والمساعدة على الإدراك والمصادقة على معاني الروح في مكان يمطر فيه القلب فيرويها ويسقيها بأشياء لا يمكن أن تلمسها أو تدركها ولكنها تخرج ككل عناوين الطفولة البريئة التي تلقي ظلالها على الحياة وتعيد إليها قيمتها الحقيقية.
إن المكان الذي لا يتوقف فيه المطر هو ذاته المكان الذي يعتبر منبعا للإرادة الإنسانية التي لا تقهر، فلكل منا زاويته الخاصة التي يجلس فيها بعيدا عن الأنظار ليحدث نفسه عن كيفية إيجاد التوازن النفسي والفكري والاجتماعي والاقتصادي والبحث عن آلية ترميم ما انعطب من الوجدان وتجاهل إشكاليات الخذلان والمفاجآت التي قد تأتي من مجريات الأحداث أحيانا ومن الأشخاص أحيانا أخرى، فيظل لهذا الركن ميزة الحصول على حالة الاحتواء النفسي والتصالح مع الذات والقدرة الحوارية مع النفس وتعزيزها، فالنفس الإنسانية في حالة عطش دائم للإرواء المطري الذي يخرج من ذواتنا ومن نظرتنا الإيجابية نحو الأشياء ومن خلق مبررات السعادة التي يمكن للإنسان الحصول عليها عندما يتذكر النعم التي ميزه الله بها، وتجاوز حالة الفوضى الذاتية إلى منطقة الاستقرار والخلود إلى حالة التعامل مع الذات بصفتها كائنا حيا يمكن التخاطب معه ومكافأته وتأنيبه وتدليله إذا استدعى الأمر، فهذه المحطة من الإبحار داخل الذات لا تقل في أهميتها عن اللحظات التي ننسجم فيها مع الأصدقاء والأهل وتحويل هذه الزيارة المستدامة باتجاه القلب والذاكرة هي لأهم وسائل تحقيق حكمة الإدراك والقدرة على إدراك الآخر والحوار العميق وتصحيح المفاهيم من خلال بصيص النور الذي يشع من قراءتنا المختلفة لكل ما هو حولنا وحواسنا غير المعروفة المدى التي تنصت لما في دواخلنا وتقرأ ببصيرتنا الفطرية مالا يمكن أن نقرأه في آلاف الكتب، فهذه الزيارة تعزز المناخ المولد لهوية الإنسان والتغلب على مخاوفه والتكيف مع محيطه وعقد مقارنات صادقة بين ما يفكر به وما يعيش أنه الحوار الأخاذ مع الذات الذي يمكن أن يحقق تغذية الروح بالمشاعر النبيلة والمساعدة على الإدراك والمصادقة على معاني الروح في مكان يمطر فيه القلب فيرويها ويسقيها بأشياء لا يمكن أن تلمسها أو تدركها ولكنها تخرج ككل عناوين الطفولة البريئة التي تلقي ظلالها على الحياة وتعيد إليها قيمتها الحقيقية.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)