الاثنين، 27 أغسطس 2018

حوار مع وجهة نظر

في علاقة التأثير ، والتأثر دائما ما تظهر قصة كرة الثلج الصغيرة التي سرعان ما تتدحرج من أعلى المنحدرات، بكل ثقلها وحجمها لتكبر وهي محملة بالتجارب التي خاضتها خلال الرحلة، ويستخدم هذا المصطلح في "علم الاجتماع" غالبًا للتعبير عن تضخم الحدث، كما يشير إلى سرعة تطوره، وهذا ما نراه اليوم من سرعة انطلاق، وسائل التواصل الحديثة التي دخلت إلى حياتنا محملة بالتجارب الغنية أحيانا والفقيرة أحيانا أخرى، وعلى الرغم من كل ما حملته قصة تدحرج هذه الكرة من معاناة ومتاعب خلال الرحلة إلا أنها بلا شك خرجت محملة بالكثير من الجوانب الإبداعية لأشخاص مغمورين خلف ستائر الظروف الاجتماعية ، والنسيان أو الانطوائية.
فبينما كان الجيل السابق يبحث عن أي وسيلة إعلامية أو نافذة يطل منها نحو الغد ويعبر من خلالها عن نفسه بحث الجيل الجديد لصياغة أفكار جديدة ليفلت خيوط أفكاره من بكرة التبعية لما كان وينطلق نحو الفضاء الرحب ليصل إلى ما يمكن أن يكون، ولذلك نرى عصافير الجيل الجديد وهي تحلق بحرية بعد أن أشرع أمامها الفضاء الإلكتروني، وفتحت أمامها كافة النوافذ كي تعبر عن قدراتها فلم تعد الوسائل الإعلامية التقليدية هي المسوغ الوحيد لوضع ختم الإبداع، ولكننا الآن أمام جيل جديد يستطيع أن يسمع صوته للعالم وأن يقدم تجربته الفنية أو الأدبية أو الابتكارية دون الحاجة إلى حراس أو منظرين فما عليه سوى أن يختار أدواته، وكيفية صياغة المنتج الإبداعي والشكل الحضاري لخروجه إلى السطح وتسلقه سلم النجاح والانطلاق إلى حيث يريد.
وتعتبر إشكاليات القدرة على التعبير أو الوصول إلى تكوين صورة واضحة عن أهم مميزاتنا وكوامننا، التي كان يكتنفها الغموض تجاه أنفسنا قبل أن تكون تجاه الآخرين أهم ما نحتاج إليه مما يستدعي مسألة حوارية نناقش فيها ذواتنا التي نحتاج أن نعرفها ونغوص فيها، لنتمكن من كتابة سطورنا الحقيقية، وهذا ما يمكن أن يتلمسه المحاور مع جيل الشباب الذي خرج من لغة التأتاة إلى مفردات التحدي عبر رؤية مختلفة وجديدة يمكنه من خلالها أن يقول ما لم يكن متاحا للأجيال السابقة ومن هنا يمكننا أن نجد إعلاميين في كل مكان بلغات إعلامية، وأعمار مختلفة منها الراقي ومنها المتحضر ومنها الذي يعاني من الحشو والإسفاف وكأن اللغة ذات التعددية ملأت شوارعنا ومواقعنا الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي بما يؤكد وجود عيون ناقدة، وساهرة تتقن نقل الحدث، وترفع جاهزية المعرفة إلى أقصى درجة بما يستدعي أن نعيد النظر في آلية التحاور مع جيل رفض أن يستنشق الهواء من خلال الشقوق، وقرر أن يشرع نوافذه للمدى، ويحلق عاليا بكل إصرار وعزيمة، وهو لا ينتظر منها سوى التشجيع والمساندة وتقبل الأفكار التي تعزز هويته لإيجاد حالة إثبات عكسي لكل قناعاتنا بما يستدعي أحيانا قلب الطاولة، وإزاحة اللوحات التقليدية عن الجدران، وفرض إضاءة احترافية لرؤية أخرى تعزز الجانب المفقود في حياة تستحق منا أن ننظر إليها من وجهة نظر جيل جديد.

ليست هناك تعليقات:

اخر التعليقات