تعتبر التربية المبنية على أسس عقائدية سليمة ومعتدلة من أهم الأسلحة المضادة للإرهاب، ومن أهم وسائل تجفيف منابعه، فهذه الزهرة التي تنبت في منازلنا وتتعهدها مؤسسات المجتمع المدني في «المدارس والمساجد والجامعات» بالرعاية تعد من أهم الوسائل الدفاعية التي يجب أن تستيقظ على دورها بشكل يتكافأ في مواجهة الإرهاب الذي تعاني منه المجتمعات المعاصرة، التي يجب أن تقف في مواجهة استقطاب الجيل الجديد من الشباب والمراهقين في لحظة إغراق وحماس تجرهم إلى مغامرات غير محسوبة العواقب، يروج لها من يدَّعي الدين لتنفيذ مخططات سياسية تستهدف فئة الشباب باعتبارهم أكثر فئات المجتمع قبولًا لمثل هذه الأفكار، ولافتقارهم للوعي والخبرة والتجربة الكافية التي تردع مثل هذه التوجهات لديهم، وهذه التربية يجب أن تعتمد على الحوار والإقناع، وليس المنع والحجر على أفكار الشباب وطاقاتهم الإبداعية.
ولا يمكن أن ننكر جميعاً أننا في وجه تيارات فكرية عاتية، تتضارب فيها الأفكار والآراء والمبررات، فلم نعد نتفق حتى على قضية واحدة، لكثرة اللغط والشائعات حول ما يجري في عالمنا العربي والإسلامي، الذي لا يصدقه عقل، وخاصة ما حصدته السنوات الأخيرة من تغيرات ضخمة في الأوضاع السياسية والأمنية لبعض الدول العربية والإسلامية، وهذا الزخم الإعلامي الذي حمل كل رسائل التناقض والاختلاف والتشرذم، فلم نعد نعرف مصداقية الحقائق لكثرة التلفيق والأكاذيب التي تتحول في النهاية إلى رسائل لجيل أعزل، يقف في مواجهة فكر متضارب، مما يحتم تهيئة الجيل الجديد لهذه المرحلة الشرسة من استهداف العقول الشابة بتقليد أعمى يمكن أن نلاحظه بمجرد بروز أي تجربة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وعدد المقلدين والمستنسخين لهذه التجربة دون فهم أسبابها ومبرراتها، أو ظهور جملة بمعنى أو دون معنى وعدد المرددين والمتشدقين بها.
إننا بحاجة إلى تجهيز وتجنيد طاقات من نوع خاص، تستند على دعم مراكز بحوث علمية وأمنية، لمواجهة هذا الفكر بالوعي والتربية، وإلى خطة وطنية محكمة، تقف بجهودها إلى جانب الجهود الأمنية، لمواجهة ما يحدث بأكثر الأسلحة حماية وأماناً، ألا وهي:
التنشئة الاجتماعية الواعية، وفرض سلطة العقل والضمير الإنساني، والوصول إلى الشباب عن طريق الوسائل التي تقنعهم بالتصدِّي لهذا الفكر من الداخل، واستغلال التقنية للوصول لعقول الشباب بالطريقة ذاتها، وتقديم كل ما يستهوي الجيل الجديد، واستهداف تقديم مقاطع تحكي ما يحدث بشفافية، وتحذر من عواقب مرحلة يتم خلالها تجنيد الفكر الإنساني الواعي.
كل هذا وأكثر يأتي بوضع واعتماد خطة دفاعية تخدم هذه الأجيال فكرياً، ترتكز على النقاط الجوهرية التي ذكرتها أعلاه، ومن خلال رسم وتشكيل استراتيجيات تتناول كافة شرائح المجتمع من الشباب والأطفال والنساء، الذين لم يفلتوا من هذا الاستهداف باستخدام التقنية، لنبادر نحن باستهداف عقولهم المتحفزّة وفق هذه الاستراتيجيات والحلول، وتحصينها ضد هذه الحرب «الإرهاب».