«بتحبيني يا هدى؟ أنا قلبي كان حاسس إن أنتي بتحبيني» كانت هذه العبارة الشهيرة التي رددها الفنان عادل إمام في مسرحية الواد سيد الشغال وضحكنا كثيراً عندما كسر قواعد الشعر العربي قائلا:
إذن فأنتي تنشاشي بشاش الحب وتحلسي/ بكل ما كان الفؤاد كمنتسي…
ولكن هدى التي ظهرت بكل رومانسيتها المفتعلة، على المسرح تحولت إلى عاصفة ثلجية ضربت منطقة الشرق الأوسط، وتركزت على لبنان وسوريا وفلسطين والعراق، وتطاير اسمها ليملأ نشرات الأخبار واستخدمت رياحها العاتية لتمهد لحضور طوفان من الثلج قتل الأبرياء المتكومين في الخيام ككل أشجار الياسمين الدمشقي، ناموا صامتين على مفارق مدننا العربية ومفاصل جرحنا، ماتوا ككل الكلام الذي لم يُقَلْ! وكل قصائدنا التي شح زيتها وظلت تنتظر لمسة دفء لضمير عربي واعٍ.
فلو كان اسمي هدى.. لحزنت كثيراً فلا يمكن لأي هدى أن تقبل أن تكون سببا في معاناة كل هؤلاء البشر، وهذه القسوة الباردة التي خطفت أرواح الصغار، ولوت بجرح أمي وذاكرتها لتعود إلى ذكريات حرب 48 لتتذكر عام الثلجة وكيف قتلهم الثلج الأبيض بدم بارد.
ولو كان اسمي هدى؛ لاشتكيت للمنظمات العالمية من استخدام اسمي بطريقة تنذر بالشؤم وتحملني مسؤولية الخوف الذي سكن خريطتنا العربية؟
أيها السادة: أنا لم أقتل أحداً، وإنني بريئة من دماء الأطفال فلا تضعوا اسمي على ناصية هذا الجرح، ولا تورطوني في جرائمكم ولا تعودوا لتقاسم رغيف ثلج سرعان ما يذوب ككل اتفاقياتنا العربية التي تحولت لكرات ثلجية نتقاذف فيها المسؤوليات.
فكم تمنيت أن أصنع في كل صبح تمثالاً من أمنيات لا تذوب كأحلام المساء، وأن تعود هذه الوجوه إلى دفء أوطانها، وأن ينكسرهذا الجليد، ويولد صبح مشرق يكون فوق درجة الصفر المئوية دافئاً بحجم الوطن، وارفاً بحجم الظل ليكون هدى لكل هدى.