الأحد، 6 نوفمبر 2016

إعلاميات ولكن ..

في حصص الانتظار في مدارسنا العربية دائماً ما يتطاير السؤال الحتمي لكل التلاميذ، والتلميذات: ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟ وبعدها تبدو الأحلام محلِّقة على رؤوسنا بعد أن يتصور كل منا نفسه في هيكل، وزيٍّ معين.
كانت الإجابة تنفلت من لساني كطائر حر، يحلِّق في أرجاء الصف، ناثراً حوله بهجة الحروف، بأنّي أريد أن أكون صحفية.
لم أكن أعرف حينها ماذا يعني أن تكون إعلامياً حقيقياً، ماذا يعني أن تتحمَّل امرأة عبء رسالة خطيرة، وأمانة قد تحرمها أجمل لحظاتها، أو قد تنزع منها هدوءها، وراحتها، أو قد تعرِّضها في بعض الأوقات للنقد، والمضايقات، ولكنّي بقدر ما عشت هذه التجربة، كغيري من الإعلاميات، اللواتي يقضين أوقاتهن بين الورق، وفي المكاتب، أو بين أروقة الاستوديوهات التليفزيونية، والإذاعية، سعدت بأنّي انضممت إلى هذه القافلة، التي جعلتني أعيش في حالة بحث، وتقصٍّ دائم عن حقائق هذه المهنة، التي غيَّرتني لأكون أكثر تفهماً، وإنسانية، وشجاعة، وتحملاً، وأكثر صبراً.
فقد أثارني مشهد بكاء الإعلامية ريهام سعيد، مقدمة برنامج «صبايا الخير»، الذي يبث على القنوات المصرية، وهي تقول قضيت ثلاثة أرباع عمري في العمل، وقد أكون خسرت كثيراً من المتعة في حياتي، ولكنّي كنت مؤمنة بيقين أن الله جعلني في هذا المكان لأحكي عن معاناة الناس، وأنقل همومهم، وهذا ما تعيشه الإعلاميات في مهنة المتاعب، والتعب، يراوغن الوقت، والظروف، والأمكنة، والأزمنة، لتحقيق معادلة البقاء، وإثبات الذات.
إعلاميات ولكن، مَنْ يعرف الثمن، ومَنْ يعرف كيف يمكن أن تكون حياة كل منا، وعلى أي صفيح ساخن يمكن أن نمشي، وما قد نتعرض له من تبعات هذه المهنة؟!. يراودنا حلم بسقف حرية فكرية، ودعم مجتمعٍ، يضع ثقته في نظرة مختلفة للمرأة تجاه الحقائق، والأشياء لترصدها، وترمي حجراً، يُحدث تغييراً ما في مياهه الراكدة، في اختلاف النظر نحو المرأة، التي يجب ألا تختصرها لوحة موناليزا معلَّقة على جدار، أو معزوفة حالمة لا تهبط إلى واقع الحياة، الذي تعرفه المرأة، وتعرف كيف تعبِّر عنه، وترصده بوعي، ومصداقية، وثقة.

ليست هناك تعليقات:

اخر التعليقات